الشريط الإخباري

درج باب توما… نافذة على الذكريات

دمشق-سانا

لا تزال قصص الحب وصور الحنين والذكريات تكتب كل يوم في دمشق القديمة.. ترويها أصوات المارة المتداخلة.. وتعبيراتهم في الاعتراف ضمن جغرافية المكان الذي تحول بكل الشغف والدفء المخزن في أزقته وحاراته إلى كبسولة لحفظ الأسرار تتحدى الزمان دون أن تمسها حرب أو تمحيها هجرة.

ولعل درج باب توما عند الساحة هذا المكان الذي يتواعد عنده الكثيرون من أهالي دمشق هو أكثر تلك الأماكن الشاهدة على قصص حب بدأت وربما انتهت وصداقات نشأت على درجاته وغالباً فرقتها الأيام واجتماعات صباحية لطلاب المدارس وتجمعات الفرق الكشفية للانطلاق صيفاً إلى مخيماتهم واستراحة كثيرين بعد تعب السير لساعات في شوارع دمشق القديمة.

يقول فادي لمراسلة سانا أحب تصوير شوارع وحارات باب توما التي خطيت عليها بقدمي وأنا طفل بكل ما تحمل في ذاكرتي من تفاصيل دافئة مرتبطة بيوميات حياتي وخاصة درج باب توما أو ما أطلق عليه “درج العشاق” الذي كان شاهداً على كثير من قصص الحب على درجاته ومن بينها قصتي مع من أحببت وتزوجت.

عربات خشبية تبيع الفول النابت والترمس تنتشر في أزقة دمشق القديمة هي ذاتها تبيع الذرة الصفراء صيفاً اشتري منها في كلا الفصلين وأجلس على درج باب توما أراقب المارة وتفاصيل وجوههم يقول محمد.

أما رزان فتطلق على درج باب توما لقب “درج الورد” حيث يشتري الأحبة الورود ويجلسون على درجاته وهم يرسمون ملامح من الحنين ويحفظون صورهم في زوايا هذا المكان ويخزنونها في أعينهم فيما يقول أنس “هنا خلال الليل يسود هدوء مطلق يتناقض مع صخب وضجيج النهار لذلك أحب الجلوس على الدرج ليلاً مع أصدقائي للدردشة في أمور يومنا”.

يضيف المغترب جوزيف كان درج باب توما المكان الذي نجتمع فيه أنا وأصدقائي في مرحلة المراهقة ويضحك مستذكراً اللقب الذي كانوا يطلقونه عليه بقوله: كنا نسميه “المكتب” حيث نتفق يومياً وفي ساعة محددة ظهراً على الاجتماع عنده ثم نعود إلى منازلنا لنجتمع عنده مساء وننطلق بعدها للجلوس في أحد مقاهي القيمرية.

وترى شيرين أن درج باب توما الذي تجتمع فيه صباحاً مع صديقات الدراسة بانتظار الحافلة التي ستقلهم إلى مدرستهم الواقعة بريف دمشق بداية ترسم منها طريقها إلى يومها الطويل.

وعن ذكرياتها عند درج باب توما تقول ريتا إنه المكان الذي شهد لحظة انفصالها عن خطيبها سامر وافتراقهما بعدها دون رجعة وتستذكر تلك اللحظة الآن بعد أن رزقت بطفلة صغيرة بقولها: خجلت كثيراً من دموعي حينها لكني لجأت إلى الدرج وبكيت كثيراً على درجاته حتى استجمعت قواي وعدت إلى المنزل.

وتتساءل فرح هل يعقل ألا يكون لكل شخص سار في شوارع دمشق القديمة ذكريات مع هذا الدرج.. هل يعقل ألا يكون محطة للأحبة الذين ساروا معاً هنا.. متابعة: على الرغم من أن الدرج ظل مغلقاً طيلة سنوات الحرب واستهدف بقذائف الإرهاب مراراً إلا أن الجيل الجديد الذي تفتح مع سنوات الحرب ولم يعرفه إلا من حكايات آبائه اكتشفه منذ فترة بسيطة.

ويقول بشار: كان الدرج نقطة لقائي مع أصدقائي عندما كنت طالباً في الجامعة نلتقط صور “السيلفي” بهواتفنا النقالة لنضعها على صفحاتنا في مواقع التواصل الاجتماعي ثم نجلس نتناول بعض الأطعمة الخفيفة وما زلنا حتى اليوم نحمل بداخلنا تجاه هذا المكان العديد من الذكريات.

أما السيدة انطوانيت وهي من سكان المنطقة فتجد أن درج باب توما تحول مع الأيام إلى المكان الذي يتواعد عنده معظم أهالي دمشق وخاصة في المساء وبات لكل منهم حكايته الخاصة عنده.

وساحة باب توما من ساحات مدينة دمشق تحيط ببابها الأثري في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة دمشق القديمة وتفصل بين المدينة القديمة والتوسع العمراني الحديث لدمشق.

فداء حوراني